نشرت بمجلة نوافذ ثقافية الهيئة العامة للثقافة – العدد 29 – بتاريخ 7 فبراير 2021م.
إتصال وتواصل!!
من المهم أن نعي ونستوعب إن العملية الإبداعية في أساسها؛ هي عملية اتصال، تقوم على التواصل، هدفها التوصيل (وهنا أشير إلى نموذج شانون وويفر). ولأن العالم يدخل مرحلة جديدة؛ مضموناً وشكلاً، في عملية الاتصال والتواصل، فإنه سيكون من الصعب علينا كمبدعين أن نظل نراوح في مكاننا، متمسكين بأدواتنا القديمة، وأساليب التواصل القديمة والإصرار عليها، دون أن نراهن على الجديد!
العالم الآن ينتقل من الإتصال والتواصل الفيزيائي إلى الاتصال والتواصل الشبكي، وقد حققت أزمة فيروس كورونا المستجد هذه الفرضية، التي بحث فيها الكثير من المختصين حتى جاء هذا الفيروس ليؤكد إن الإنسان يمكنه الحياة والتواصل دون أن يكون هناك اتصال مباشر، بل وأن يمارس حياته بشكل طبيعي إلى أقسى حدوده.
وتأسيساً على ما تقدم، فإنه لتقديم أنفسنا للآخر، وإن كنا تأخرنا ولكن ليس كثيراً ويمكننا اللحاق بالركب، هو أن نجيد فن التواصل، وفهم آلياته وأدواته وتطبيقاته، لأنه السبيل لاختصار الفارق وكسب الوقت والرهان على المستقبل.
مفاهيم أساسية!!
وقبل أن ننطلق، علينا أن نقيم موقفنا وأن نعيد ترتيب أولوياتنا، وأن نركز بداية على مسألة فهم العلاقة بين الأدب والعالم الرقمي، خاصة وإن عنوان الندوة جاء ليركز على وجه واحد للمسألة، وهو (الرقمنة) أي التحويل الرقمي (Digitizing)، وهو يعتبر أولى خطوات التواصل الرقمي، بمعنى؛ أن يُحول الكتاب من وسطه الورقي إلى الرقمي. قد يبدو الأمر بسيطاً للوهلة الأولى، وهيا بنا نأخذ ما لدينا من كتب ونرقمنها، نحولها إلى كتب رقمية، وبالتالي نكون قد حققنا الهدف وصار لنا وجود على الشبكة ودخلنا عالم الأدب الرقمي.
للأسف هذا ليس حقيقاً! وهو السراب الذي يظنه المهتم الفوز الذي حققه للأدب الليبي عندما يقوم بتحويل كتاب ورقي إلى رقمي، كما حدث قبلاً ويحدث هنا وهناك، من تحويل بعض الكتب إلى صيغة ملفات (PDF). وهو يعكس قصور في فهم معنى الرقمنة أو الرقمي، وأن الهدف أن تكون المادة الأدبية أو الإبداعية في صيغة (0/1)، الأمر الذي يمنحها القدرة على التمثل في أي وسيط والانتقال بشكل أسرع، وهو ما يجعلها مادة سهلة التداول.
المسألة الأخرى التي أشير إليها هنا، والتي تحمل أيضا مفهوماً خاطئاً، هي إن النشر على الشبكة من خلال المواقع الأدبية والثقافية، أو من خلال منصات التواصل؛ من خلال الصفحات والمجموعات، لا يعني دخول العالم الرقمي، أو الأدب الرقمي.
هذا يمكن أن يصنف تحت (النشر الرقمي)، لأن مفهوم (الأدب الرقمي) يختلف تماما عن مجرد النشر، فهو أدب تقوم مادته على ما توفره البيئة الرقمية للكاتب والمبدع، من إمكانيات لإنتاج نص مختلف، وبالتالي فإن النقد لهذا النص سيكون في ذات المسار وبنفس الأدوات الرقمية.
كما سيكون من الضروري استيعاب تقنية الروابط التشعبية (Hyperlinks) وأهميتها واستخدامها بالطريقة الصحيحة، بهدف إنتاج شبكة معرفية مترابطة. وفي ذات السياق من المهم فهم الطريقة الصحيحة لكتابة المحتوى، والذي يشكل البناء الأساسي للمادة الرقمية على الإنترنت، والتنويع فيه، حتى لا نقع في فخ التكرار الذي نراه بشكل كبير جداً وهو يشوه المحتوى العربي على الإنترنت.
الأدب الليبي إلكترونياً
باستثناء بعض الأسماء المعرفة عربياً، لا يمكننا العثور في شبكة الإنترنت على ما يقدم صورة عن الأدب الليبي، بالشكل المطلوب وبشكل خاص للباحثين والدارسين، وحتى ما قدمه موقع (بلد الطيوب) من منشورات ضمن سلسلة الكتاب الإلكتروني، لا يمثل شيئا أمام المنشورات العربية، وهذا الأمر سيكون مخيبا بشكل أكبر عندما معلم إن الإسهام العربي كمادة يمثل حوالي 2% من المحتوى الموجود على الإنترنت.
من خلال بحثي، وجدت إن أكثر ما يتعلق بليبيا هي مجموعة من الكتب التاريخية، والسياسية، والاجتماعية بشكل أقل، وهي في شكل ملفات PDF، تمت بجهود فردية أو لمجموعة من المهتمين، خاصة عندما كانت المنتديات هي المستأثرة بالمشهد قبل دخول عالم الفيس ومنصات التواصل الاجتماعي.
قلت، إن المشاهد الأدبي الليبي غير ممثل بالشكل الكبير ككتب إلكترونية، إلا لبعض الأسماء، نذكر منها: إبراهيم الكوني، إبراهيم الفقيه، علي فهمي خشيم. ولا يمكننا الجزم بحجم هذا الوجود على الشبكة لعديد الأسباب، لعل أقربها عدم وجود مؤسسة مطلعة على مثل هذه الأعمال، كما إن هذا النوع من النشر لم يلق اهتمام مؤسسات الدولة الثقافية الثقافية في بلادنا. وباستثناء بعض المؤسسات الثقافية ذات الطابع الفردي هي من قامت على نشر بعض الكتب الإلكترونية كأحد منتجاتها الثقافية.
السؤال الآن: هل من الضروري أن يكون للأدب الليبي والثقافة الليبية حضور على الشبكة؟
الإجابة؛ وبشكل مباشر (نعم)، والوقت الآن أكثر إلحاحا مما سبق، خاصة وإن صورة ليبيا بدأت، غن تكن، تسوق بشكل مشوه. وحتى تعاد الصورة الحقيقة ليس أفضل من الأدب والثقافة لإعطاء هذه الصورة أبعادها الحقيقة وألوانها القادرة على جذب المتابع إليها.
وهنا علينا أن نعي مجموعة من الأمور المهمة:
أولا: الحضور الليبي أدبياً وثقافيا ضعيف جداً، والمر لا يحتاج للمقارنة.
ثانياً: إضافة إلى أن هذا الحضور ممثل بطريقة غير صحيحة أو بسيطة.
ثالثاً: كثيرة الأخطاء في المحتوى المقدم.
رابعاً: تكرار المحتوى، بشكل كبير ومزعج.
خامساً: غياب الإبداع والابتكار.
سادساً: إن السبب في النقاط السابقة هو غياب الدعم المادي، وهو المحرك الحقيقي لأي عمل.
وحتى نوجد لأنفسنا مكانا حقيقياً على الشبكة، لابد من العمل من خلال خطة، أقترح أن تقوم على ثلاث مستويات:
المستوى الأول: دعم المحتوى الموجود فعلياً، وتنقيحه وتطويره.
المستوى الثاني: بناء قاعدة صحيحة لإنشاء محتوى على درجة من الاحترافية، والإبداع.
المستوى الثالث: إنشاء منصات ثقافية، مما تقدمه خدمة النشر الإلكتروني (الكتاب الإلكتروني).
كل مستوى من هذه المستويات، هو مشروع مستقل، قادر على إحداث الفارق وإثبات وجود الأدب والثقافة الليبية، خاصة فيما يخص الكتاب الليبي. وهذه المستويات الثلاثة يتم العمل عليها في ذات الوقت بالتكامل فيما بينها، بالناس نضمن وجود اتساع أفقي للتواجد في الشبكة، تشاعبياً، وفي ذات الوقت بعدا في التأثير من خلال التواجد والاستجابة لمحركات البحث.
كما من المهم الآن إعادة النظر في إنتاج كتب إلكترونية أكثر تفاعلية، وأعني الكتاب الإلكتروني في شكل ePub، وهي النوع الأحداث والذي يحول القراءة إلى رحلة معرفية، بدلا من الجلوس والقراءة الكتاب بصيغة PDF.
هذا التواجد للكتاب الليبي وتبعاً للأدب الليبي والثقافة الليبية سيحقق مجموعة من الأهداف والغايات، والتي يمكن أن نلخصها في التالي:
- سيكون واجهة ثقافية مهمة، خاصة عندما يتم العمل على أكثر من لغة.
- وفرصة متاحة وبشكل كبير ومجاني لنشر المعرفة والمعلومات على أكبر نطاق.
- كما سيكون فرصة للباحثين والدارسين للوصول إلى المصادر والمعلومات بطريقة سهلة ومباشرة.
- وهو أيضا مصدر للاطلاع للراغبين في ممارسة العمل الإبداعي، دون الحاجة للبحث عن مصادر أخرى.
- المساهمة في عملية النشر والانتشار.
- خلق قنوات تواصل واتصال.
- فتح فرص للإبداع والعمل.
- تحريك المشهد الثقافي وإحيائه.
كان من المفترض أن تلقى بندوة رقمنة الأدب والنقد في المنجز الثقافي الليبي – المعرض الوطني للكتاب – الإثنين 28 ديسمبر 2020م، لكن الندوة رأت أن أقدم تجربتي في موقع بلد الطيوب والنشر الإلكتروني.
مرحباً أستاذ رامز،
أسف لدي طلب خارج الموضوع، أرجو حذف موقعي من قائمة المواقع الموجودة في مدونة مالاخير، لأنه لا يتشابه مع محتوى مدونتك وهذا يُأثر بالسلب على الموقع.
أسم الموقع: موت ويب (تقنية)
شكراً