يبدو أن الشاعر في سيرته الأولى سارد كبير، يحب الحكاية أكثر من الغناء، يحب الانطلاق أكثر مما يحب القفز الموقع، يحب الكلمات أكثر من اللحن. وربما هذا يفسر نجاح الشعراء في تجاربهم السردية الروائية بشكل خاص.
والسرد ليس الرواية، أنه تقنية، نعم تقنية تشبه إلى حد كبير تقنية صناعة السجاد على المسودة، حيث تنساب الخيوط، والحكايات، والمشاعر والحوادث، والوجبات، وأكواب الشاي، بالتالي يكون لكل قطعة سجاد شكلها وتاريخها الخاص بها، والذي لا يتكرر، فاليدين تعملان على لضم الخيوط، ويعمل العالم في الخارج.
السرد قدرة على النظم، وتحويل الأحداث الصغيرة والبسيطة إلى نصوص قابلة للقراءة والإدهاش. هذه القدرك، هي أشبه بقوى الساحر الذي يستطيع بخفة يديه إجبارك على التصفيق.
كتاب: طيح سعدك وأخواتها – رحلة عبر مفردات اللهجة الليبية
اللهجة الليبية!
قليلة هي الموضوعات التي تناولت اللهجة الليبية، سواء الدراسات المتخصصة أو الكتابات والمقالات، ولا يمكنني تخمين سبب أو أسباب لهذا الضعف، ولكن ما يبشر بخير هو الكتابات التي تهتم باللهجة الليبية وتبحث في تأصيلها وأبعادها اللغوية الثقافية، ومنها الكتاب الذي نتوقف عندها في هذه القراءة وهو كتاب (طيح سعدك .. وأخواتها – رحلة عبر مفردات اللهجة الليبية)، للأستاذة “فريدة الحجاجي”، والصادر عن دار الرواد بطرابلس1.
اللهجة والهوية!
إن كانت العربية هي لغة العرب، فإن اللهجة الليبية هي لغة تواصل الليبيين فيما بينهم، وهي التي تعبر عنهم وعن ثقافتهم وتراثهم وإرثهم الحضاري، فاللغة ليست للتواصل فقط، إنما وسيلة لنقل الأفكار والمعارف والتجارب الإنسانية. لذا فإن الكاتبة في معرض تعريفها بهذا الكتاب اكتشفت إن تعليم اللغة العربية الفصحى لابنتيها لن يمنحهم الغاية من تعلم اللغة عند زيارة ليبيا، لأنهم سيكون مفصولين عن واقعهم ومحيطهم الاجتماعي والسبب اللغة، تقول الأستاذة فريدة الحجاجي: (ومن هنا انتبهت إلى أن اللغة الأم الطبيعية والتلقائية لطفلتي هي اللهجة الليبية وليست اللغة العربية الفصحى التي أحاول تعليمها لهن وتخيلت مرة أخرى منظرهما في ليبيا أثناء العطلة عند لقائهن حناهم (والدتي) ومخلطبتها بلغة عربية سليمة بقولهن: مرحبا أيتها الجدة، لقد أتينا لقضاء العطلة معكِ، هل أنت بخير وصحتك على ما يرام؟ وتخيلت كيف سيكون ردة فعل أمي إزاء هذا الموقف!!!)2.
مشاركتي باستطلاع (بوابة الوسط) للكاتب الصحفي “عبدالسلام الفقهي”: كتاب ونقاد: المشهد الشعري تاه في دخان النيران المستعرة!
فهم طبيعة التحولات الكبرى، كما تصوغه كتب التاريخ وعلوم الاجتماع والاقتصاد والسياسة، يقدمه لنا الأدب في جانبه الإنساني والفلسفي، محملاً بالدلالات والأسئلة، متشابكًا ومحللاً وناقدًا كمقاربة للفهم عبر المكان والزمان والشخوص والأحداث المتخيلة قصة ورواية ونثرًا.
وفيما لو أخذنا الشعر نموذجًا متسائلين: هل كون النص الشعري على المستويين العربي والمحلي، أسئلته وقضاياه وأفكاره الخاصة بموجة المنعطفات التي شهدتها المنطقة منذ عقد ونيف.. ما أهم سمات هذه الأسئلة إن وجدت؟ وهل أفرزت القصيدة كذلك أصواتها الشعرية المعبرة عنها، وهل صاحب إيقاعها تطور على مستويي اللغة والأسلوب؟
«بوابة الوسط» طرحت هذه الأسئلة على عدد من الكتاب والنقاد وكانت الإجابة على النحو التالي.