كجنس أدبي يمكن تصنيفها كقصة طويلة، حيث تتالى فيها الأحداث وتتصاعد وتيرتها، بينما يحافظ القاص على الحبكة الأساسية للقصة، كبؤرة للحدث.
في هذه القصة التي فرغت منها قبل قليل، استمتعت بالحوارات بين شخوصها، خاصة وإنها جاءت لإثراء القصة، ومنحها بعدا إنسانياً واجتماعيا يعكس طبيعة الحياة في مدينة غدامس القديمة، وحفاظ الكاتب على استخدام المفردات المحلية لوصف المناطق في الحي وأركان البيت.
كنت أعلق بهذه الجملة، كلما انتهيت من قراءة رواية جديدة، وبشكل خاص للكاتب شاب. أما لماذا هذا التعليق فلظني إن الرواية الليبية هي من الأجناس الأدبية الليبية التي لم تلق الاهتمام مقارنة بالشعر والقصة، وعدد كتابها المحدود. لكن السنوات الأخيرة كانت بمثابة الانتفاضة للرواية الليبية، خاصة وإن الكثير مما صدر من روايات يعكس شجاعة هؤلاء الكتاب الشباب، وإيمانهم بموهبتهم.
الرواية التي انتهيت منها، ومازالت بين يدي تنتمي لهذا الزخم الروائي الشاب، وإن كتبت برؤية رومانسية ذكرتني بروايات الجيب، فهي رواية سلسة، هادئة الإيقاع، عميقة، شخصياتها مرسومة بعناية. ففي هذه الرواية اختار الكاتب أن يبدأ من نقطة متقدمة في أحداث الرواية، ومن خلال حدث يجبر فيه بطل الرواية على ترك البيت الذي يسكنه، وحتى إن أوجد البطل العذر لهذا لقرار صاحب البيت، إلا أنه يكشف لنا أولى صفات شخصية البطل، وسلوكه، واضعاً إيانا في مواجهة مبكرة مع حدث مفصلي وتوقع لردة فعل البطل، أو من نظنه!
يرجع عشقي للغة العربية إلى المسلسلات اللبنانية التي كان يبثها التلفزيون الليبي، وفي الغالب كان أكثر البرامج التلفزيونية باللغة العربية، بداية من مسلسلات الرسوم المتحركة، إلى مسلسلات المساء والسهرة، وكيف لا أفتن باللغة العربية، وأنا أسمعها على لسان عملاقة الدراما والأداء وقتها: عبدالمجيد مجذوب، رشيد علامة، محمود سعيد، أنطوان كرباج، ليلى كرم، وغيرهم ممن أمتعونا بأدائهم وجمال انسياب اللغة على ألسنتهم، قبل أن تهجم علينا المسلسلات البدوية، والقروية1.
من البرامج التلفزيوني التي كنت من متابعيها على مر السنوات، باختلاف النسخ المسلسل العراقي (مدينة القواعد)، والذي تخصص في التعريف باللغة العربية وعلومها من نحو وصرف وبلاغة، من خلال مجموعة مميزة من الممثلين المميزين، أذكر منهم: جعفر السعدي، أمل حسين (وهي مذيعة)، محمد حسين عبد الرحيم، خليل الرفاعي، وغيرهم ممن أبدعوا خلال حلقات المسلسل.
ورقة مقدمة في احتفالية توقيع ديواني الشاعرة حنان محفوظ – منتدى السعداوي – طرابلس، 16 نوفمبر 2020
الشاعر رامز النويصري
ليس الشعر وسيلة للرصد أو الوصف فقط؛ إنما هو أداة فاعلة في الاستكشاف وإعادة قراءة الأحداث وتوصيفها بطريقة مختلفة ومغايرة، يتحول فيها الجماد إلى كائن تسكنه روح وقادة، والأفعال تتخلى عن حدودها لتتماهي في المشهد. بالتالي، تنعكس هذه الرؤية في تشكيل الشعر؛ لغة وصوراً، إذ تتخفف القصيدة من أثقالها وتطفوا سابحة باطمئنان.
في العام 2006م نشرت دراسة مطولة بعنوان (النـثر يقــود الثـورة .. الشـعر يطلق أصواتـهن)*، والتي تتلخص حول تجربة قصيدة النثر النسائية في ليبيا (لو جاز استخدامي لهذا التوصيف أو التصنيف الجندري)، وأن النثر كجنس شعري، استطاع أن يطلق صوت الشاعرة عالياً وقوياً، لكني الآن أضيف، إن قصيدة النثر أمدت شاعرتنا بالكثير من الألوان والإكسسوارات لتجميل قصيدتها، لكنها بذكاء عرفت كيف تتعامل مع هذا الزخم، وكيف تحول البساطة إلى نقطة جذب.
ورقة مقدمة ضمن احتفالية توقيع كتاب (أما للكره والبغضاء حد)، الهيئة العامة للثقافة، مسرح وزارة السياحة – طرابلس / 27 أكتوبر 2020م
كتاب أما للكره والبغضاء حد للكاتب يونس الفنادي
اقتراب أول…
الجميل في هذا اللقاء أنه يضرب عصفورين بحجر واحد، العصفور الأول هو شيخ الشعراء الدكتور “عبدالمولى البغدادي”، أما العصفور الثاني الكاتب والإعلامي “يونس شعبان الفنادي”، أما الحجر ففي أساسه قصيدة ذات معان سامية تحولت إلى كتاب، هو قراءة نقدية تحت عنوان (أما للكره والبغضاء حد)*.
اقتراب ثان…
قبل أن أدخل للكتاب، اسمحوا لي أن أتوقف قليلا عند أحد العتبات المهمة في أي تجربة إبداعية؛ شخصية أو عامة، ونقصد النقد، والذي تبدو صورته مشوشة وغير ثابتة في تجربتنا الإبداعية في ليبيا، التي يُعد النقد فيها الحلقة الأضعف، فلا تحتفظ ذاكرتنا الأدبية أو الإبداعية؛ باسم ناقد متخصص اشتغل على الإنتاج الأدبي الليبي، من خلال منهج نقدي علمي. وهنا اسمحوا لي بالقول: إنه خارج دائرة الدراسات الأكاديمية (رسائل الماجستير والدكتوراه)، أكاد أجزم أنه لا يوجد اشتغال نقدي منهجي، علمي، وهذا الجهد يظل حبيس أرفف الجامعة، إلا ما رحم ربي.