بداية جيدة…
سرني كثيراً دعوة زوجتي لتكون ضيفة على برنامج (أفاضل وفضليات) الذي يعده ويقدمه الإعلامي والمصور الفوتوغرافي “أحمد الترهوني”، للحديث عن إحدى الرائدات الليبيات، والتي ساهمت وقدمت الكثير للمرأة والطفل في ليبيا، السيدة الفاضلة “خديجة الجهمي” أو “ماما خديجة” أو “بنت الوطن” التي تعددت مسمياتها بتعدد أدوارها، فكانت المعلمة والمربية والمذيعة والرائدة في العمل النسوي، والصحافية التي بدأت الصحافة الموجهة للمرأة والطفل، والشاعرة التي كتب الشعر الشعبي والغنائي، وتغنى بكلماتها كبار مطربي ليبيا. كان اللقاء بمناسبة مرور 25 سنة على وفاة الرائدة (خديجة الجهمي) التي كانت في 11 أغسطس 1996، بمدينة طرابلس، بعد رحلة زاخرة بالعطاء.
اللقاء تم على حلقتين وعرض على قناء الرسمية.
رفُّ عصافير بفكرة واحدة…
قلت سرتني هذه الدعوة، كون معد ومقدم البرنامج، وجه الدعوة لضيفة ليست من اللواتي عاصرن الراحلة “خديجة الجهمي” ولا من الجيل الذي تربى على أفكارها، إنما هي تنتمي لجيل متقدم نسبياً، جيل ربما سمع عن الراحلة، ولم يعرف عنها الكثير.
السؤال الآن؛ لماذا؟ لماذا تم اختيار ضيفة البرنامج الرئيسية من جيل شاب مقارنة بشخصيات عاصرت الراحلة وعايشتها؟
في ظني؛ إن معد البرنامج قصد إلى رصد موقع جيل الرواد عند الأجيال الشابة، هذا أولاً. وثانياً، مقدار ما أحدثه جيل الرواد من تأثير في المجتمع الليبي. أما ثالثاً؛ فأن يتحدث جيل يفصله عن جيل الرواد أكثر من نصف قرن، سيكون من الواجب على الضيف البحث والتنقيب، وبالتالي زاوية الرؤية ستكون مختلفة، وكذلك العلاقة مع هؤلاء الرواد ستكون قد خضعت لفترة زمنية كافية لاكتشاف والكشف عن الكثير من الأحداث. النقطة الرابعة، هو ربط الأجيال الشابة بتاريخهم الوطني من خلال الرواد والأعلام، منارة يهتدى بها، وقدوة يحتذى بسيرتها لتحقيق النجاح، وهو أكثر ما يحتاجه شبابنا الليبي الذي تأخذه البوصلة صوب أسماء وتيارات بعيدة عن ثقافتنا وتراثنا، والسبب؛ عمل ممنهج استمر لأربعين عاما هدفه إلى طمس الرواد والأعلام، وتغييبهم عن المشهد.
البحث عن القدوة…
إن أكثر ما يحتاجه الشباب هو القدوة القادرة على منحة الثقة والثبات في حياته، والقادم من تجارب وخبرات. وسيكون من المفيد أن تكون هذه القدوة قريبة منه، تتصل به وبمجتمعه وتشاركه التاريخ والجغرافيا والهوية، أن تكون مثالا وطنيا ملهماً، بدل أن يستورد أو نستورد نماذج غريبة عن مجتمعنا.
إن تاريخنا الوطني يحفل بالكثير من النماذج التي ترقى إلى مرتبة القدوة، بما تملك من منجزات ومن سيرة تعكس الصبر والعزيمة والكفاح من أجل الوصول.
وبالعودة إلى حلقة برنامج (أفاضل وفضليات) حول الرائدة “خديجة الجهمي”، وحديث ضيقة البرنامج، السيدة “كريمة الفاسي”؛ سنجدها قد توقفت عند مجموعة من النقاد المهمة والملهمة في حياة الرائدة “الجهمي” خاصة ما يتعلق بالبيئة الداعمة التي توفرت لها، متمثلة في أبيها، والشخصية القيادية التي مكنتها من الدراسة والعمل في مصر، وروح الإصرار في المضي قدما في الطريق، وغيرها الكثير من النقاط التي توقفت عنها الضيفة، وهي التي لم تنل شهادتها الثانوية عندما ارتقت روح الرائدة “خديجة الجهمي” إلى مولاها.
خطة عمل…
سيكون من المهم على المؤسسات الثقافية والإعلامية والتعليمة إعادة الاعتبار إلى تاريخنا الوطني ورموزنا الوطنية وأعلامنا ممن كان لهم دور الريادة، وإحياء ذكراهم وتخليدها، ليس بتسميتها على الشوارع والمدارس أو المؤسسات بل باستحضارها واستحضار تاريخا النضالي في المناهج التعليمية، والمحافل والفعاليات الثقافية، والبرامج الإعلامية.
ختاماً؛ أشكر برنامج (أفاضل وفضليات)، والضيفة -زوجتي- التي أعدت وبحثت جيدا لتقديم صورة غير نمطية في حق الرائدة “خديجة الجهمي”، وتحية خاصة للأستاذ “أحمد الترهوني” وقناة الرسمية.