فرسان الأحلام الحية

قراءة في رواية (فرسان الأحلام القتيلة)، للروائي إبراهيم الكوني.

حال قراءتي لهذه الرواية، أحسست اختلافها عما كتبه “الكوني” من قبل، ربما بسبب طبيعتها، وقربي من الأحداث ومعاصرتي لها. وربما لأنها اختارت عالماً مختلفاً عما عهدنا من مبدعنا بالدخول بنا مجاهل الصحراء، ومعاركة الرمال. ولأحساسي بقربها مني –كثيراً- لم أتوقف عن قراءتها حتى أتيت عليها*. لكن الكاتب ظل محافظاً على أسلوبه السردي الهادئ، وصوره المشغولة بتجريدٍ محفوف، ورؤيته المحددة، وبنائه لأنساق وعلاقات معرفية في أكثر من مستوى تتوازى، وتعمل في أكثر من اتجاه.

“فرسان الأحلام الحية” متابعة القراءة

فرسان الأحلام الحية

الإدهـاش ومزاج العـصر.. في حـبّات المزغـني

قصيدةُ النثر نص مربك ومرواغ، لا يألف السكون. فلا يمكن تسمية شكلٍ بنائي بذاته، أو قالبٍ يحدد النص. كما لا يمكن حصرها في نمطٍ أو طور. الشعر في قصيدة النثر متحرك ومتغير، لا يعتمد المسارات الثابتة، ولا يمنكه الحفاظ على صورته لفترة طويلة، لذا فإن النص –كتجربة- أكثر اعتماداً على الشاعر وإمكاناته، ورهناً للحظاته. وإن اتفق المنظرون على السمات العامة لقصيدة النثر، فإنها لم تتقيد بأيٍ من القواعد أو الخطوط المحددة لها، فظلت نصاً مشاكساً.

قصيدة الومضة، أو البرقة، أحد الأشكال البنائية التي اعتمدت عليها قصيدة النثر، وبغض النظر عن المصطلح التصنيفي من صلاحيته، فهو يقدم وصفاً لقصيدة النثر القصيرة، والقصيرة جداً كوحدة بنائية1، والتي يمكن أن تكون مكتـفية بذاتها بعنوان منفصل، أو في مجموعة مقاطع موزعة على أرقامٍ أو عناوين. الملمح العام هو اكتفاء هذا البناء بذاته، وتفصيلاً تكثيف النص، وتحديد معالمه في صورة مكتملة. وفي قراءة سابقة2 كنت قد تناولت الومضة الشعرية، وحددت بعض الشروط العامة لها3، في محاولة للوقوف على خصائص هذا الشكل، لكني في كل مرة كنت أدخل فيها تجربة شعرية، أخرج أكثر يقيناً بصعوبة قولبة هذا النمط الشعري، وأقصد قصيدة الومضة، أو النثيرة4.

  “الإدهـاش ومزاج العـصر.. في حـبّات المزغـني” متابعة القراءة

الإدهـاش ومزاج العـصر.. في حـبّات المزغـني

زمـنُ الـروايـةِ الليـبـية

1

القول بأهمية الشعر للوجدان العربي، حقيقة لا ينكرها عاقل، بل إنها مسلمة لا تقبل التفـنيد أو الطعن. أمام الشعر، نقف أمام عملاق لا يقبل رهان الخسارة، ودليلنا الأشكال التي اتخذها الشعر والمظاهر التي تلبسها، قدرته على مجاراة العصر، بداية بالحداء إلى الرجز إلى الشعر كنصٍ إبداعي، إلى آخر أشكاله في النص الحديث. وفي الذائقة العامة (الشعبية) يتحول الشعر إلى وجدان جمعي، وذاكرة تحفظ تاريخ الشعب وتحولاته الاجتماعية وترصد تبدلات العصر، والمحن. لذا كان الشعر الشعبي (بكل أشكاله وصنوفه) في ليبيا ديوان الشعب الليبي وسجله الراصد لمحنه وابتلاءاته، وهذا ما أكده الكاتب الكبير “خليفة التليسي” في مقالته الشهيرة (هل لدينا شعراء)1. وهذا مالا يخفى حتى على الشخص العادي من أثر الشعر الشعبي في وجدان المجتمع، واعتماده شكلاً معرفياً، وربما هذا يفسر نجاح تجربة نشر الشعر الشعبي عن طريق الأشرطة التسجيلية، والأقراص المضغوطة، وتبادله عن طريق البلوتوث. وفي جانب آخر يقدم هذا الشكل الحديث ما يمتلكه الشاعر الشعبي من فطنة لابتكار الأساليب التي يتواصل بها والمتلقي، وهذا المظهر نجده عاماً في المجتمعات العربية، ومازالت بعض هذه المجتمعات تجل الشاعر وتقدره وتنزله منزلة الرواد، تتحلق حوله في الأمسيات وترحل في كلماته.

“زمـنُ الـروايـةِ الليـبـية” متابعة القراءة

زمـنُ الـروايـةِ الليـبـية

سؤال الماضي.. إجابة الحاضر.. قراءة في رواية: مرسى ديلة

[1]

لو اقتنعت بمقولة أن القصص العربي القديم والحكاية العربية هما الشكل الأولي للرواية العربية ومصدرها، ستكون روايتنا العربية تأخرت كثيراً (وهنا أعني الشكل كرواية)، كنص أدبي مستقل بذاته.

هذه الرواية ظلت ملتصقة بواقعها القريب، الشخص كثيراً، السّيريّ، كما ينبئ عن ذلك نتاجها كمادة متداولة. ولم تجازف إلا بالقليل الذي اقتات على أجزاء الكاتب، وما يمكنه من طاقات تشعير (من الشعر) وتشعيع (من الإشعاع).

وحتى لا يكون لحديثنا أشجان يتعلق إليها، هذه دعوة لقراءة ما قدم من رواية عربية، بداية من (زينب) إلى (أولاد حارتنا)، (صور)، (وليمة لأعشاب البحر)، إلى (فوضى الحواس)، سنكتشف (أو ما اكتشفته) أن الروايات في مجموعها رواية واحدة، رواية واحدة لم تحاول الخروج عن ملعبها الخاص، ظلت تمارس اللعبة ذاتها، بذات اللاعبين، وحتى بذات اعتراضات الحكم، لم تحاول كتابة رؤية مستقبلية، ولا شكلاً أيديولوجيّاً خاصاً ولا مناوئاً، هي روايات تنطلق من أحكام مسبقة، وغير ديناميكية في معظمها، لكن ثمة نماذج في هذا تظل نماذجاً فارقة في مسيرة الرواية العربية، كأعمال الروائي “إبراهيم الكوني” الذي يعمل من رؤيا التأسيس ورسم الخطوط الداخلية لعالمه، وأعمال “إبراهيم نصرالله” وهو يشكل عوالمه الأكثر صفاءً ومخاتلة.

“سؤال الماضي.. إجابة الحاضر.. قراءة في رواية: مرسى ديلة” متابعة القراءة

سؤال الماضي.. إجابة الحاضر.. قراءة في رواية: مرسى ديلة

الحكايات في مسك الحكاية.. قراءة في (مسك الحكاية) للشاعرة: جنينة السوكني

 

[1]

النص الشعري، نص يمثل المرحلة، بمعنى أن النص الشعري نتاج مرحلته، تقولها ويقوله، من هذه النقطة يمكننا فهم آلية الشعر الحديث، والوقوف على عتباته ومساربه الكثيرة التي يرتادها بحب. ووعينا بهذا المدخل يؤهلنا لدخول النص الحديث دون أيٍ من أنماط التقليدية أو حكايات الشعر القديمة.. فالشاعر الحديث يدرك أنه لا يتعامل مع آليات جاهزة، ولا يتعامل مع قوالب تفترض أن يتعامل معها بما تريده هي لا ما يريده أو يراه هو.. هذه الأسطر أتخذها مدخلاً أول.

 

مدخلي الثاني.. ألمح فيه لمجموعة من الكتابات كنت كتبتها حول الكتابة النسائية (دون أي نية للتجنيس)، كون الشاعرات اندفعن في تجربة النص الحديث، واستطعن أن يكن نسيجاً مميزاً في تجربة الشعر الحديث في ليبيا، ومحاولة الشاعرة أن تمارس حريتها من خلال النص، حريتها التي تريد دون أي من أشكال الوصاية، فالكثير من الأسماء تؤكد حضورها، وتعمل بجد من خلال نصها.. نقطة أخرها ألتقطها، البوح ورغبة الكشف المتمكنة من نص الشاعرة، التي تقود رحلة اكتشافها الكبيرة.

“الحكايات في مسك الحكاية.. قراءة في (مسك الحكاية) للشاعرة: جنينة السوكني” متابعة القراءة

الحكايات في مسك الحكاية.. قراءة في (مسك الحكاية) للشاعرة: جنينة السوكني