شباب القصيدة العربية

حروفيات. عن الشبكة.

لازالت القصيدة العربية، التقليدية، قادرة على جذب الكثير من محبي الشعر، بالرغم من كلاسيكيتها وتقليديتها، في واقع لا يعترف إلا بكل ما هو حديث، فما بالك بشاب أو مجموعة من الشباب يكتبون قصيدة تقليدية في زمن الرسائل القصيرة، والخدمات السريعة. وبالرغم من تسارع إيقاع الحياة، وأصوات الموسيقى التي تأتي كل يوم بالجديد، هناك من يحن إلى الإيقاعات والقوالب الموسيقية القديمة، لأنه يجد فيها ملاذا آمنا، وشكلاً يمكنه التعبير من خلاله، وهذا هو حال مجموعة من الشعراء الشباب الذين تبنوا القصيدة العربية في بحور الخليل.

في هذه الوقفة، سنحاول الاقتراب من ثلاث شعراء شباب، يكتبون القصيدة العربية في شكلها التقليدي، وينوعون تجاربهم على الإيقاع من خلال المقطعات والتفعيلة، من خلال التوقف عند أهم الملامح الفنية في هذه التجارب. فبالرغم من القواسم المشاركة التي تجمعهم، كشعراء يكتبون القصيدة العربية على ذات البحور الشعرية، والتفعيلات، إلا أن كل شاعر يتعامل مع نصه بشكل مختلف، الأمر الذي يعكس رؤية الشاعر وذائقته، ونظرته، وأيضا غايته في كتابة الشعر.

“شباب القصيدة العربية” متابعة القراءة
شباب القصيدة العربية

أُغنيات الفاخري للظلال

أغنيات للظلال، للشاعر احمد علي الفاخري
أغنيات للظلال، للشاعر احمد علي الفاخري

1

يرى البعض إن الشعر لعبة لغوية، والبعض يضع الشعر في صف الغناء، لكنني أرى إن الشعر عملية فكرية (عقلية) بامتياز، لا يمكنها أن تكون نتاج العبث، أو الممارسة الاعتباطية. فالقارئ أو الدّارس للشعر العربي، من تاريخ القصيدة الشعرية الأولى إلى آخر نص (حقيقي) منشور على الفيسبوك، سنجد إن الشاعر يمارس لعبة عقلية (فكرية)، وإنه يعمد إلى ممارسة ألعابه المخاتلة، كالساحر يخطف عيون المتابعين له، معطلاً عقولهم بما يحدثه من دهشة.

هذه العملية العقلية، مرنة بشكل كبير، وقابلة للتطور والتحديث المستمر، ومسيرة الشعر العربي، تجربة غنية وثرية، بداية من المقطعات إلى تجارب الهايكو العربية، هذا الغنى في النصوص، والاتساع الافقي للممارسة الشعرية، والعمق الرأسي للمدارس أو الأشكال الشعرية، يضعنا على درب اليقين بعقلانية التجربة، حتى وهي تتسامى على لسان صوفي، أو تشتعل في قلب عاش، وتُبادر في يدي فارس.

“أُغنيات الفاخري للظلال” متابعة القراءة
أُغنيات الفاخري للظلال

النور في ظلمات فكرون

القاص أحمد فكرون، ومجموعته القصصية (ظلمات)
القاص أحمد فكرون، ومجموعته القصصية (ظلمات)

القصة والرواية!

إذا كان المشهد في الرواية، يتسع باتجاه الأفق، ويجعلنا قريبين منه، فإنه في القصة يتجه للخارج، باتجاه المتلقي، لمنح القصة عمقاً أبعد، وفرصة للمتلقي للإبحار.

في المجموعة التي انتهيت منها قبل أيام، نجد القاص يتعمد أن يحدد للمتلقي زاوية الرؤية، بل وقد يمارس تطرفاً باتجاه تحديد حركة المشهد، وطريقة المشاهدة، من خلال استخدامه لمجموعة من الرموز ذات الدلالات الخاصة لدى المتلقي، مثيراً بذلك ذائقته باتجاه هذه الرموز بما تحركه من إيحاءات وما تبعثه من صور. وهو يستعين على ذلك بداية من العنوان.

“النور في ظلمات فكرون” متابعة القراءة
النور في ظلمات فكرون

عندما يكون الموت رفيقاً

أنا والموت.. لاحميد المرابط
أنا والموت.. لاحميد المرابط

إشكالية الجنس!!!

الكثير من الكتاب تناول الموت كعنصر رئيس في الكتابة، أو محور للعمل الأدبي المقدم، وفي هذا السياق تأتي باكورة الإنتاج السردي، للقاص الشاب احميد المرابط، الذي جعل من الموت رفيقاً لبطل النص، ظل يرافقه ولازال باعتبار الحقيقة التي لا تفارقنا. 

لكن قبل الدخول بعوالم العمل، سأتوقف قليلاً في محاولة لتحديد جنس هذا العمل، فعلى الغلاف الخارجي للكتاب، جاءت جملة (قصة قصيرة)، مما يشي بكون ما يتضمنه الكتاب هو مجموعة من القصص القصيرة، مما يستدعي مباشرة اشتراطات القصة القصيرة، والاستعداد لتفتح ذائقة القراءة على هذا الجنس الإبداعي. لكننا ما إن نتعدى صفحات البداية، وندخل أول عنوان، منتقلين من بعده للعنوان التالي، حتى نكتشف مع المضي أكثر في صفحات الكتاب، إننا أمام نص روائي، أقرب للرواية القصيرة أو النوفيلا.
وفي ظني إن الاستشكال، جاء من اعتماد تقسيم النص إلى عناوين وقفية، جاءت لرصد الأحداث، فكان كل عنوان حدثاً أو التقاطة أو تجسيداً لحالة، فاختار الكاتب أن يسميها قصص، لكن القارئ سيكتشف ارتباط هذه العناوين أو القصص، وارتباط أبطالها وشخوصها، والخط الدرامي الذي يمتد خلال النص، ويجمع الأحداث حوله.

“عندما يكون الموت رفيقاً” متابعة القراءة
عندما يكون الموت رفيقاً

حكاية عن الحب والأحلام

قراءة في رواية (أراك في كل مكان) للكاتب محمد التليسي

رامز رمضان النويصري

رواية (أراك في كل مكان) للكاتب محمد التليسي.
رواية (أراك في كل مكان) للكاتب محمد التليسي.

الرواية الشابة

من فترة، بدأت بكتابة موضوع حول الرواية الليبية الشابة، أو الرواية التي يكتبها الشباب، والذي ظهر إنتاجهم الروائي فجأة وبقوة، واستطاع بعضهم أن يجد لنفسه مكاناً على الخارطة الأدبية محلياً وعربياً سواء من خلال النشر والتوزيع خارج ليبيا، أو من خلال الفوز بجوائز عربية وعالمية. وهنا كانت الشبكة (الشابكة)، ومنصات التواصل الاجتماعي هي الوسيلة للاتصال والتواصل.

بدأت ولم أكمل! الأسباب كثيرة، أولها وآخرها الانشغال، وقلة ذات الوقت. خاصة وإني قرأت الكثير من هذا النتاج الروائي الشاب، سواء ككتب منشورة، أو من خلال مخطوطات ما قبل النشر. وأزعم أنه قد تكونت لدي فكرة عامة عن هذا المنتج الإبداعي، فكراً وثقافة، وإبداعاً!

وهنا أستطيع القول إن ما يميز هذه الكتابات، شجاعة كتاباها في خوض هذه التجربة، وخروجهم عن دائرة المحلية، والتواصل عربياً وعالمياً، بمساعدة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، رؤيتهم المختلفة وتجاربهم الاجتماعية المغايرة عما عشناه، والأهم مناقشتهم من خلال أعمالهم الروائية عديد الموضوعات الجريئة والقوية، على جميع المستويات، وفي ظني إن 17 فبراير استطاعت أن تكون نقطة انطلاق الكثير من الأدباء الشباب، فالكثير من الممنوعات سقطت في مناخ الحرية والدعوة للتحرر من قيود الماضي، والرقابة على النشر، وإن كانت مستمرة، وكان أن وجد هؤلاء الكتاب الشباب أنفسهم أمام مجموعة كبيرة من الأسئلة، ومناخ يشجع على البحث عن الأجوبة، وهذا يذكرني، ببداياتنا ككتاب شباب كانت الكثير من أسئلتنا تعود خائبة.

كما تكشف هذه الأعمال الشابة عن اتصال أوثق بالواقع المعاش، والأرض أكثر، بل إن بعضها ينبش في التاريخ، ويستخرج منها القصص والأحداث، بإعادة اكتشافها أو أعادة إنتاجها في شكل سردي.  

“حكاية عن الحب والأحلام” متابعة القراءة
حكاية عن الحب والأحلام