بثقة عاشق.. يهيمن على المشهد

قراءة في نص (بداية) للشاعر رامز النويصري

حواء القمودي

بداية.. هل ثمة حكاية ما في اختيار عنوان قصيدة، هكذا تبادر لذهني وأنا أقرأ عنوان قصيدة الشاعر -الصديق- رامز النويصري، (بداية)، هكذا نكرة بلا تعريف، كأن ثمة بداية كل حين، بداية مع كل قصيدة وحب وعمل وحتى الحزن.

ولا يتركني الشاعر نهبا لتأويلات تخصني، إذ يفتتح قصيدته قائلا:

في النهايات، بدايات

وبدايتي

لا تحتاج نهاية من نوع ما،

ثمة دائرة يرسمها، تبدأ من نقطة ارتكاز (في النهايات)، كأنها النقطة التي سيدور حولها فرجار الحكاية – القصيدة، ليرسم الشاعر دائرة يؤثثها بمعانٍ شتى. جملة تقريرية (في النهايات،)، ولكن ماذا بعد؟: في النهايات، بدايات.

ال التعريف تحاصر هذي النهايات. فلا تتكرر، هي نهاية تنتهي في تلك اللحظة، حينما يقفل باب لا داعي لفتحه من جديد، لأن ثمة (بدايات)، وهنا كالعادة سأقع في الفخ، (ال التعريف) التي جعلت ( نهايات) تموت، فتحت الباب مشرعا حين تخلت عن (بدايات)، لتترك للحياة فعل التجدد.

ولتتركني أقاوم الفخ بالمشي في حديقة القصيدة، لعلّي ألتقط زهرة المعني، أو تتفتح قرنفلة ويضوع أريجها:

وبدايتي

لا تحتاج نهاية من نوع ما

هنا يضمر الشاعر بوضوح حضوره، إذ يترك لحرف العطف (الواو) قصدية التعلق مع (النهايات- بدايات)، ومثل أب حنون، يترك الشاعر فضاء اختيار لهذي البداية، هي تتدلل و (لا تحتاج/ نهاية من نوع ما). مثل راوِ عليم بكل الأحداث يهيمن الشاعر على قصيدته، وقد ظننت أنه يترك حرية لهذي (بداية) ولكن ربما يتماهى معها يغدوان واحدا لذا يقول:

كلّ ما أبحث عنه

الآن

فرصة لتذكر تفاصيل المشهد ما قبل الأخير،

الشاعر كأنه يؤثث مشاهد (مسرحية)، المسرحية كأنها (قصة حب)، أو ربما مشهدًا مضافًا يرسمه الشاعر في حكاية يتابعها في مسرحية على ركح العيش اليومي، أو ربما في  كتاب:

لأغادر صالة العرض قبل النهاية  

قبل الزحام على الأبواب

والثرثرة في الممر الخارجي

الشاعر هنا يضعني في مواجهة الصورة الواضحة. المشهد المرسوم بتفاصيله، فما الذي سأكتشفه بعد، ثم هو يغادر كي يتجنب تفاصيلًا مملة:

واستحضار بعض المشاهد

يقلد فيها أحدهم البطل

وتعلق أحداهن على ثياب البطلة في مشهد الختام!

هنا والمشاهد تترى، ثم هو يتحين فرصة:

وتعلقي بالفرصة المتاحة

حيث أتسرب في لحظة انتباه الحضور،

هو (يتسرب) رغم أن ثمة جمهور يتابع أثر العاشق الذي ينشغل بتفاصيله حيث:

حابسًا صورتك

مادًا يدي

وباسطا جناحي

باتجاهك!

كأنها في قلب المشهد وكأن الذي يحكي هذي التفاصيل ويشي باللحظة المنتظرة. كلاهما يباغت المشهد، لتكون هي روح الحكاية.. وهو غير آبِهٍ (في لحظة انتباه الجمهور) بثقة عاشق.. يهيمن على المشهد.. وكل القصيدة تغدو نشيدا يخبرنا أنه ماضٍ (باتجاهك)…


بثقة عاشق.. يهيمن على المشهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *