هردميسة القرقني تكشف حقيقتنا

هردميسة للتشكيلي الليبي عدنان القرقني.
هردميسة للتشكيلي الليبي عدنان القرقني.

الهردميسة في اللهجة الليبية، تعني الفوضى، حيث اختلاط الحابل بالنابل، وهي الحالة التي يفقد فيها الشخص قدرته على فهم ما يجري حوله، مشتركا في هذا الشعور مع جيرانه. ويبدأ إن مفردة هردميسة، تحمل في ذاتها قدرا من الغرائبية، سواء على مستوى التأصيل، أو التركيب، وكأنها تعبر عن نفسها. وإن كانا في غرب البلاد نستخدم هردميسة للتعبير عن حالة اللخبطة التي نعيشها، فإن الشرق يستخدم هربكانة، للتعبير عن ذات الوضع الذي نعيشه.

أما لماذا توقفت عند هردميسة؟ فلأنها اللوحة التي شدت ابني “زكريا” إليها، وجعلته يتسمر أمامها، متأملاً، قبل أن يستأذنني في هاتفي ليقوم بتصويرها، أكثر من عشرة صور.

(هردميسة) هي لوحة للفنان التشكيلي الليبي “عدنان القرقني”، والتي شارك بها ضمن معرض (نوافذ تشكيلية) الذي احتضنته دار الفنون، من 23 إلى 30 يناير 2021م، بتنظيم من الجمعية الليبية للفنون التشكيلية. 

بعيداً عن تصنيف اللوحة، لأي من مدارس الرسم القديم والحديث، فاللوحة تملك قدرة على شدك إليها بما حشد لها الفنان، مما أكسبها ديناميكة وتفاعلية لترحل في أجزائها، فهي مجموعة مشاهد في لوحة، تحاول رصد المجتمع الليبي، قي لوحة أقرب للبانوراما المجتمعية حيث ينتصر الفنان للموضوع، دون أن يركز على تقنيات الرسم.

لا يوجد مدخل محدد للوحة، فمن أي زاوية دخلت، ستجد نفسك تخرج بذات النتيجة، رحلة في مجتمع يعاني كثيراً من الأزمات: من قطع الأشجار والقضاء على الغطاء النباتي، إلى ازدحام الطرق، إلى الغزو الثقافي، الصراعات المشاحنات، العشوائيات، الحرب، المقابر، البحر الملوث والهجرة. 

وليس هذا كل شيء، فاللوحة تملك عمقاً يتجلى في ملمحين؛ الأول في تنوع موضوعات اللوحة، والثاني في التفاصيل الدقيقة، التي تجعلك تقترب أكثر من اللوحة، لاكتشافها، وهي نية مبيتة من الفنان “عدنان القرقني” تحقق غايته من هذه العمل، وهو تحقيق القول الليبي المأثور (تحب تفهم ادوخ)! تفاصيل تجدها في عيون شخصيات اللوحة، حركات الأيدي، اشتباط الأصابع، ميلان الأبنية، قفز السيارات، وغيرها من التفاصيل التي أبرزهتها الألوان القاتمة للوحة، من تدرجات الأزرق القاتم إلى البني، وحضور لافت للون الأصفر الذي وظفه الفنان بطريقة مميزة، تلفت عين الناظر للوحة.

(هردميسة)، ليست مجرد لوحة، فالفنان التشكيلي “عدنان القرقني” قصد أن يختصر الوضع الليبي في لوحة في كلمة واحدة، لكنه استبدل الحروف بالخطوط والألوان.

هردميسة القرقني تكشف حقيقتنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *