1
“يحيى” يدخلُ فرحاً:
– عصّور.. عصّور.. عصّور.
كان علي تولي المهمة، ومرابة القفص المعلّق عند الشرفة، تفقدِ الماء والطعان والتنظيف.
2
لم أغرم بالعصافير، كنتُ أحب رؤيتها فاردة أجنحتها في السماء، معربدةً، مغردة، زاعقة، لا تحطُ حتى تنطلق في ملكوت الله.
3
بيتُ جارنا مهرجان زقزقة.
أراقبُ كل يوم كيف يكبر، وكيف تضيقُ مساحة الشرفة، وكيف يستمتعُ هو بمذاق القهوة مستنداً على حافتها.
4
الحصيلةُ عشر. جمعها في كيس بعد ذبحها على شريعته بسكينٍ صغيرة. عند حافة الموقد، مدّ لي إحداها:
– خذ، مذاقها جميل.
لم تطاوعني يدي، راقبته وهو يبتلعها واحداً تلو الآخر حتى أتى على آخرها:
– ضيعت على نفسك مذاقاً مميزاً.
5
يستقبلني “يحيى” عند الباب:
– عصّور بح. ثم يركض باتجاه حديقة المنزل.
عند الدرجة الأولى كان القفص فارغاً، رفعت رأسي للأعلى وأصغيت السمع جيداً. كان صوتُ العصافير مختلفاً. زاهٍ.
سماء ليبيا- على ارتفاع 18 ألف قدم.
*** * ***
تفاعل النص في
ملتقى الكلمة نغم