اغتصاب
بالكاد لا يمر يوم لا تروى فيه قصة لاغتصاب فتاة ليبية أو غير ليبية، فمن قصة فتاة اختطفت واغتصبت وهي عائدة من المدرسة، إلى من أخذت من يدي أمها، إلى من اغتصبت وهي نزيلة المستشفى، إلى اغتصاب ناشطات في طريقهن إلى غزة. والمعنى، إن المغتصب لم يتورع عن فعل أي شيء للوصول لما يريد، مدركاً أن الدولة بلا قانون وأنه سينجو بفعلته. ولعل مشهد مشاهد الاغتصاب اللفظي (المعاكسات) التي تشهدها شوارعنا بشكل يومي، أكثر من ذي قبل، يعكس واقعاً مريراً لا يمكن ستره.
العامل المشترك بين معظم قصص الاغتصاب، هو تعاطي الممنوعات من خمور ومخدرات، الأمر الذي يضعنا ما مسألة مركبة، تبدأ بالتعاطي، وتنتهي بالاغتصاب، وما بينما متوالية حسابية تسير في خط مستقيم وواضح. وهذا الخط يقطع أكثر من نقطة ضعف في تركيبة المجتمع الليبي ومنظومته الأخلاقية، التي كشفت ثورة 17 فبراير الكثير من ثغراتها التي كان الانغلاق والإنكار والتعالي، يعمل على تغطيتها ومحاولة معالجتها ارتجالياً أو معالجة نتائجها دون النظر للمسببات.
لا أريد القول إن الاغتصاب تحول إلى سلوك، وإن كان سلوكاً فردياً، بقدر ما أريد رفع العلم الأحمر منبهاً لهذا السلوك الجديد على مجتمعنا، والذي يعكس بشكل مباشر حالة القلق التي يعيشها الشاب الليبي، والمجتمع في عمومه، قلق يحيد بالفرد عن حالة الاتزان المفترضة للرغبات، إلى انحياز كامل لرغبة بعينها.
فتاوى
يقال إن الفتوى –اصطلاحاً- جاءت من الفتية، أي القوة، فالمفتي يعطيك القوة للتقوي على مسألتك. لكن ما يحدث في ليبيا من إصداٍر مطلق للفتاوى يعطي عكس الصورة التي عرفتها.
فأكثر ما صدر من فتاوى لا أراها تعطيني القوة في شيء للاستعانة به، لدرجة أني صرت أؤمن بنظرية المؤامرة في هذا الموضوع، وكأن الفتاوى تصدر عن خياط (مع الاعتذار لفضيلة المفتي)، يقوم بتفصيلها حسب الطلب. آخر الفتاوى التي خرجت علينا، فتوى لا تسمح بزواج الليبيات من غير الليبيين (الأجانب). هذه الفتوى بقدر ما فيها من خوف على مصلحة المرأة الليبية –كما بينت الفتوى- تظلمها بحرمانها في حقها من الزواج، خاصة من وصلن لأعمار يصعب معها الزواج من زوج ليبي، ليرتفع الرقم في خانة (غير متزوجة). إن كان دور المفتي حل المسائل، فإنه بهكذا فتوى يضيق الخناق أكثر مما هو حول عنصر فاعل في المجتمع. فهذه الفتوى على سبيل المثال لا تصب في صالح المواطنات الليبيات المتزوجات من غير الليبيين، واللواتي يطالبن بحقوقهن وحقوق أبنائهن كمواطنات ليبيات.
والسؤال الذي أجدني في مواجهته؛ أين هذه الفتوى من حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه” ثلاث مرات). ومن حديث صلى الله عليه وسلم (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض، إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب).. وأختم بقوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [سورة الحجرات الآية 13].
أزلام.. أزلام
شكراً للأزلام، لأنهم يعملون بجد من أجل زعزعة استقرار البلاد وبث الإشاعات والأخبار الكاذبة.. ويبذلون ما يستطيعون من جهد لإغراق البلاد بالممنوعات من خمورٍ، وحشيش، وبودرا، وحبوب.
شكراً للأزلام، لأنهم أطلقوا أيدينا لقتلهم واغتصابهم.
شكراً للأزلام، لأنهم سمحوا لنا بتحويلهم إلى مشجبٍ نعلقُ عليه خساراتنا وانتكاساتنا، وكل ما نرتكب من مخالفات وانتهاكات.
شكراً للأزلام، منحونا الفرصة للهروب من ذواتنا المريضة إليهم، فأمنونا وأجارونا وأطعمونا. وساعدونا على تحصين قانون (العزل السياسي) والدستور والدولة لم تولدا بعد.