فلسطين عربية .. لا حلول استسلامية

فلسطين عربية
فلسطين عربية

الكثير من الهتافات التي تستدعيها ذاكرتي، في هذه اللحظة، التي تدك فيها غزة بصواريخ العدو الـ ص هـ يـ و نـ ـي المحتل:

فلسطين عربية .. لا حلول استسلامية

بالروح بالدك نفديك يا فلسطين

أو الأغاني الكثيرة التي تتغنى بفلسطين وتدعو للمقاومة وحمل البندقية، والدعوة إلى تحرير القدس، فأبدع الشعراء في صوغ الكلمات، ونجح الملحنون في إثارة الدم في عروقنا، وقفزت بنا أصوات المغنين للخروج إلى الساحات مطالبين جامعة الدول العربية بفتح الحدود لنا إلى فلسطين.

تربينا وتربى وجداننا على إن القضية الفلسطينية هي قطية العرب الأولى، فكانت حاضرة في كل وقت وزمان، وفي كل برنامج إذاعي وتلفزيوني، وفي المناهج الدراسية والمناشط الطلابية، حتى إنني وأنا أتلمس طريقي في عالم الكتابة والإبداع، وجدتني أول ما أكتب عن فلسطين، فكانت قصيدتي (على ترابك فلسطين)، التي فزت فيها خلال دراستي الثانوية بالترتيب الأول على مستوى طرابلس، وكرمتني إدارة المدرسة عنها، بسبب هذه القصيدة، استضافني الإعلامي عبدالمجيد العكاري عبر الإذاعة المسموعة ضمن برنامج (مشوار الصباح المنوع)، لتتم من بعد استضافتي تلفزيونياً من قبل الإعلامي عطية باني.

فلسطين ليست مجرد اسم أو قضية عابرة، إنها جزء اصيل من تكويننا الثقافي والمعرفي، وإن كانت الحكومات العربية اتكأت على هذه القضية لتحويل انتباه المواطن العربي من النظر إلى الداخل، إلى النظر الخارج، بدعوى الاهتمام بالقضية الأكبر، القضية الفلسطينية، والصراع العربي الاسـ ر ا ئـ ـيـ ـلـ ـي.

بالرغم من هذا، ومدفوعًا بعاطفته وحبه لمسرى الرسول، وما تحمله القدس من مكانة تاريخية ودينية، كنا كمواطنين منحازين بحب للقضية، لا نقبل إلا بحل واحد وهو خروج المحتل الاسـ ر ا ئـ ـيـ ـلـ ـي. وكوني أحد هؤلاء المواطنين شكلت القدس وفلسطين وتاريخ المقاومة الطويل، بكل ما فيه، جزء أصيلاً من تكويني الثقافي. أذكر أن قصيدة (لا تصالح) للشاعر المصري الكبير “أمل دنقل” كانت تزين جزء من جدار غرفتي، حيث قمت بنسخها في حجم كبير وتعليقها إلى الجدار، وكثيراً ما كان والدي يتفاجآن بصوتي الجهوري، وأنا ألقي هذه القصيدة!

فلسطين، كيف لا أحبها، وذاكرتي تحتفظ بالكثير من الشخصيات الفلسطينية التي أثرت في، بداية من غسان كنفاني، إلى ناجي العلي، سميح القاسم، محمود درويش، إبراهيم نصر الله، وقبلهم جميعًا، المناضلة والمقاومة خالتي “خديجة” وزوجها الأستاذ الكبير “قاسم حماد”، رحمهما الله، اللذان سكنا حينا، فكانا نعم الجار، بفيض الحنان الذي كان يفيضان به، والسماحة والكرم الذي طبعا به علاقتهما مع الجيران.

فلسطين، الجرح النازف، والأثر الذي يجعل الذاكرة نشطة، متحفزة متوقدة، لا تهادن، ولا تهدأ ولا تعرف السكون.

فلسطين عربية .. لا حلول استسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *