بَدويّةٌ تحـبُّها وتـزْدرِيـك [محاولة لقراءة اللـيـبـي]

ليبيا بدويةٌ شرسةْ

تحب حين تحب من تشاءْ

وتكره حين تكره من تشاءْ

تسقي العابرين القاحلين،

بدلوٍ من أجاجٍ وغناءْ

وتستسلم لمن يطوقها بالقوافي

وينفذ إلى قلبها على صهوة الخيالْ.

بهذا المقطع يبدأ الشاعر “عمر الكدي” نصه (بلاد تحبها وتزدريك)، مختصراً فيها الطبع النافر للبلاد، المتطرفة المزاج، العابثة (تحب حين تحب من تشاءْ/ وتكره حين تكره من تشاءْ)، ترفعك/ ترميك.

هذا الطبع النافر/ الطارد تفترضه الواقعة، في امتداد المساحة الجغرافية للبلاد وغلبة الرمال وانحصار المطر في خطٍ ساحلي رقيق، بعد الحدث الكبير الذي حول اتجاه الماء إلى الجنوب، تاركاً البلاد للريح تعبث فيها كما تشاء.. القبلي1 يسفح وجه الصخور، ينحتها، يشكلها، يعيدها سيرتها الأولى، ليدفعها إلى الشمال، تزحف في شوارع المدينة وتسكن الزوايا البعيدة، حتى حين. يقول الكاتب “رضوان أبوشويشة” في مسرحيته (حمودة الزاهي): (حلقات من العطش، والعناء. والجفاف، والجدب، والجوع، والقحط، والحر، والريح القبلية الحارة المؤلمة كأنفاس من فرن.. تهب في لون مغم فتبتهج الأفاعي وتضطرب العصافير).

  “بَدويّةٌ تحـبُّها وتـزْدرِيـك [محاولة لقراءة اللـيـبـي]” متابعة القراءة

بَدويّةٌ تحـبُّها وتـزْدرِيـك [محاولة لقراءة اللـيـبـي]

شِـجْ وأخـواتِها -جـديد اللهجة الليـبية-

 

[1]

من المتفق عليه أن اللغة في نشاتها الأولى، إنما كانت مجموعة الأصوات العشوائية للتعبير عن الحاجة، فيما بعد اتفقت المجتمعات على تعريف الحاجة أو الدلالة إلى صوتٍ معين، كذا نشات اللغة واختلفت، وصار لكلٍ منها تاريخها الخاص. وفي تطور المجتمعات لم تعد اللغة مجرد حاجة التواصل، إنما التعبير عن الأفكار، والتي عملت بجد على اللغة لتطوير وتنويع أساليب خطابها. ومن بعد تتحول اللغة إلى كائن حي يحيا في حياة المجتمع، ويموت بموته، وهي الصورة التي تتطور بها وتستمر. وتستطيع اللغة أن تقدم صورة حقيقية للمجتمع أو تكشفه، فغيرة المجتمع على لغته يعطينا صورة أكثر من مجرد الاعتزار، إنها الهوية وصورة التعبـير، ودخول كلمات أجنبية لها أمر ليس بالسهل.

“شِـجْ وأخـواتِها -جـديد اللهجة الليـبية-“ متابعة القراءة

شِـجْ وأخـواتِها -جـديد اللهجة الليـبية-