تقديم ديوان (عرافة دلفي – قصائد نثرية) للكاتبة الدكتورة مفيدة محمد جبران.
علينا قبل الدخول لهذه المجموعة، أن نحاول تجنيس هذا النص، الذي يواجهنا، ويطالعنا عبر الصفحات. لنجد أنفسنا أمام سؤال افتراضي: هل ما خط هنا شعر أم لا؟
علينا منذ البداية أن نعترف أننا نقف أما نصوص هي أقرب ما تكون للنص الإبداعي، أو ما يعرف بالكتابة الحرة، التي تعتمد على رسم الدفق الشعري في جملي موزعة عمودياً، في محاولة لإيجاد نسق شعري أقرب للقصيدة الحديثة، لكنه أكثر انفتاحاً من ناحية التعبير والتجريب بعيداً عن القوالب الشعرية التقليدية والحديثة، كما في قصيدة النثر..
إذن نحن، نقف أمام نص إبداعي، متحرر، منفتح، يستفيد من كل الموارد الثقافية! وما يمكن أن نرصده في هذا الشكل الإبداعي، أنه يحمل بصمة كاتبه، فهو خاص، مختلف عن البقية!
مفيدة محمد جبران، في هذه النصوص، ومنذ البداية تحاول أن يكون لها نصها الخاص؛ بها، نصها الذي يعبّر عنها، وهنا لا نعني الذات، بقدر ما نعني بـ(التعبير عنها)؛ ذاتاً وكياناً ومعرفاً، بالتالي فإن هذه النصوص، هي أقرب للعمل الثقافي، المتقصد، الذي تحاول من خلاله “مفيدة” أن تكون النص، فالقارئ لهذه النصوص، لن يكون صعباً عليه إدراك حجم الاشتغال الذي تقوم به الكاتبة، خاصة على موضوع النص، الأمر الذي قد يجعلها لا تنظر بذات الاهتمام إلى بناء النص، الذي حاولت أن تحاكي فيه تجربة النص الحديث، من خلال إطلاق النص عمودياً دون التعويل على لحظات الأداء أو الوقفات، أو الانتقالات لتوزيع جمل النص.
نصوص “مفيدة محمد جبران”، تعكس هوساً بالتاريخ، وبالحوادث والرموز التاريخية، وربما لتخصصها الأكاديمي أثر في هذا، لكنه هوس البحث والتمثل، الذي تتحول فيه إلى جزء من الحكاية التاريخية إن لم تكن الحدث ذاته. الأمر الذي يجعلها قادرة على اكتشاف ما خفي وإعادة اكتشافه وتقديمه من جديد. وهي حتى تعيد رسم معالم الحدث، وتشكل الشخصيات من جديد.
الشجاعة والمبادرة، ملمح آخر في نص “مفيدة محمد جبران”، التي تكشف شخصية لا تحب الشكوى، قوية مبادرة، قادرة على التعبير الواضح والصريح، الذي قد يجعل بعض صور النص مباشرة، قاصدة غايتها بكل وضوح. وهي بهذا تقدم صورة مختلفة لصورة المرأة النمطية؛ المنكسرة الخائفة، فهي هنا لا تقدم دعوات فقط، إنما تأخذ بيد أخواتها، وتتقدمهن.
ختاماً.. تجربة “مفيدة محمد جبران”، التي تقترب كثيراً من الشعر، بما يحمل من النص من طاقة شعورية، تجعلنا نتعاطى بحب مع هذه التجربة ونحاول البحث عما يحمل النص، وما يريد أن يقول!