الكتابة بحبر الحنين

المجموعة القصصية (مناكفات الربع الأخير) للكاتب الليبي جمعة بوكليب

في النهاية وصلت إلى هذا التعبير او الصيغة للتعبير عما خرجت به من قراءتي لهذه المجموعة؛ (الكتابة بحبر الحنين)، وهي صفة يمكننا أن نطلقها على مجموعة من الكتابات الأخيرة، التي بدأت تزين المكتبة الليبية، وخاصة فيما يتعلق بالسرد، وأكثر تحديدًا؛ القصة القصيرة، ومن بعد الرواية.

فبالرغم من تراجع القصة القصيرة في ليبيا، في جانب النشر، عن مكانها الذي ظلت تتقدم بع عن بقية الأجناس الإبداعية، إلا أنني مازلت أقول وأؤكد، أن القصة القصيرة الليبية أقرب الأجناس الأدبية للتعبير عن الواقع الليبي، والمجتمع الليبي، ورصده في جميع ومختلف مراحله، وتجاوزها بسرعة عتبة؛ (قصتنا بنت حرام)1.

بالعودة للمجموعة التي انتهيت قبل دقائق من مطالعتها، أجدني أقول: ها هو “بوكليب” يعود من جديد ليأخذنا في رحلة جديدة في عالم الحنين، على مركبة من كلمات، اختار طريقها بذكاء وناكف فيها المسافات والزمن.

“الكتابة بحبر الحنين” متابعة القراءة
الكتابة بحبر الحنين

شباب القصيدة العربية

حروفيات. عن الشبكة.

لازالت القصيدة العربية، التقليدية، قادرة على جذب الكثير من محبي الشعر، بالرغم من كلاسيكيتها وتقليديتها، في واقع لا يعترف إلا بكل ما هو حديث، فما بالك بشاب أو مجموعة من الشباب يكتبون قصيدة تقليدية في زمن الرسائل القصيرة، والخدمات السريعة. وبالرغم من تسارع إيقاع الحياة، وأصوات الموسيقى التي تأتي كل يوم بالجديد، هناك من يحن إلى الإيقاعات والقوالب الموسيقية القديمة، لأنه يجد فيها ملاذا آمنا، وشكلاً يمكنه التعبير من خلاله، وهذا هو حال مجموعة من الشعراء الشباب الذين تبنوا القصيدة العربية في بحور الخليل.

في هذه الوقفة، سنحاول الاقتراب من ثلاث شعراء شباب، يكتبون القصيدة العربية في شكلها التقليدي، وينوعون تجاربهم على الإيقاع من خلال المقطعات والتفعيلة، من خلال التوقف عند أهم الملامح الفنية في هذه التجارب. فبالرغم من القواسم المشاركة التي تجمعهم، كشعراء يكتبون القصيدة العربية على ذات البحور الشعرية، والتفعيلات، إلا أن كل شاعر يتعامل مع نصه بشكل مختلف، الأمر الذي يعكس رؤية الشاعر وذائقته، ونظرته، وأيضا غايته في كتابة الشعر.

“شباب القصيدة العربية” متابعة القراءة
شباب القصيدة العربية

أُغنيات الفاخري للظلال

أغنيات للظلال، للشاعر احمد علي الفاخري
أغنيات للظلال، للشاعر احمد علي الفاخري

1

يرى البعض إن الشعر لعبة لغوية، والبعض يضع الشعر في صف الغناء، لكنني أرى إن الشعر عملية فكرية (عقلية) بامتياز، لا يمكنها أن تكون نتاج العبث، أو الممارسة الاعتباطية. فالقارئ أو الدّارس للشعر العربي، من تاريخ القصيدة الشعرية الأولى إلى آخر نص (حقيقي) منشور على الفيسبوك، سنجد إن الشاعر يمارس لعبة عقلية (فكرية)، وإنه يعمد إلى ممارسة ألعابه المخاتلة، كالساحر يخطف عيون المتابعين له، معطلاً عقولهم بما يحدثه من دهشة.

هذه العملية العقلية، مرنة بشكل كبير، وقابلة للتطور والتحديث المستمر، ومسيرة الشعر العربي، تجربة غنية وثرية، بداية من المقطعات إلى تجارب الهايكو العربية، هذا الغنى في النصوص، والاتساع الافقي للممارسة الشعرية، والعمق الرأسي للمدارس أو الأشكال الشعرية، يضعنا على درب اليقين بعقلانية التجربة، حتى وهي تتسامى على لسان صوفي، أو تشتعل في قلب عاش، وتُبادر في يدي فارس.

“أُغنيات الفاخري للظلال” متابعة القراءة
أُغنيات الفاخري للظلال

النور في ظلمات فكرون

القاص أحمد فكرون، ومجموعته القصصية (ظلمات)
القاص أحمد فكرون، ومجموعته القصصية (ظلمات)

القصة والرواية!

إذا كان المشهد في الرواية، يتسع باتجاه الأفق، ويجعلنا قريبين منه، فإنه في القصة يتجه للخارج، باتجاه المتلقي، لمنح القصة عمقاً أبعد، وفرصة للمتلقي للإبحار.

في المجموعة التي انتهيت منها قبل أيام، نجد القاص يتعمد أن يحدد للمتلقي زاوية الرؤية، بل وقد يمارس تطرفاً باتجاه تحديد حركة المشهد، وطريقة المشاهدة، من خلال استخدامه لمجموعة من الرموز ذات الدلالات الخاصة لدى المتلقي، مثيراً بذلك ذائقته باتجاه هذه الرموز بما تحركه من إيحاءات وما تبعثه من صور. وهو يستعين على ذلك بداية من العنوان.

“النور في ظلمات فكرون” متابعة القراءة
النور في ظلمات فكرون

عندما يكون الموت رفيقاً

أنا والموت.. لاحميد المرابط
أنا والموت.. لاحميد المرابط

إشكالية الجنس!!!

الكثير من الكتاب تناول الموت كعنصر رئيس في الكتابة، أو محور للعمل الأدبي المقدم، وفي هذا السياق تأتي باكورة الإنتاج السردي، للقاص الشاب احميد المرابط، الذي جعل من الموت رفيقاً لبطل النص، ظل يرافقه ولازال باعتبار الحقيقة التي لا تفارقنا. 

لكن قبل الدخول بعوالم العمل، سأتوقف قليلاً في محاولة لتحديد جنس هذا العمل، فعلى الغلاف الخارجي للكتاب، جاءت جملة (قصة قصيرة)، مما يشي بكون ما يتضمنه الكتاب هو مجموعة من القصص القصيرة، مما يستدعي مباشرة اشتراطات القصة القصيرة، والاستعداد لتفتح ذائقة القراءة على هذا الجنس الإبداعي. لكننا ما إن نتعدى صفحات البداية، وندخل أول عنوان، منتقلين من بعده للعنوان التالي، حتى نكتشف مع المضي أكثر في صفحات الكتاب، إننا أمام نص روائي، أقرب للرواية القصيرة أو النوفيلا.
وفي ظني إن الاستشكال، جاء من اعتماد تقسيم النص إلى عناوين وقفية، جاءت لرصد الأحداث، فكان كل عنوان حدثاً أو التقاطة أو تجسيداً لحالة، فاختار الكاتب أن يسميها قصص، لكن القارئ سيكتشف ارتباط هذه العناوين أو القصص، وارتباط أبطالها وشخوصها، والخط الدرامي الذي يمتد خلال النص، ويجمع الأحداث حوله.

“عندما يكون الموت رفيقاً” متابعة القراءة
عندما يكون الموت رفيقاً