إلى حمودة الزاهي
المبدع رضوان أبوشويشة
أعرفُ لماذا الأزرقُ وحدهُ القادرُ على سحبك للركنِ القصيِّ من اللوحة/ والتمدد
وكيفَ يطلقُ الأصفرُ الضبيحَ في داخلك، وفي أيّ نقطةٍ يتسربُ الأبيضُ ليعيدها لنقطة البداية
ولماذا لا تحتاجُ الفرشاة،
يمكنها أن تغادر باكراً مخافة حُرّاس الظلمة/ والنَّتف
وكيف عندما تريد/ تمد يديك في كهوف أكاكوس مستعيراً بعضاً من صمته ومن نسائه
(كنت أكافأ بالفيروز الأخضر القدسي من محاجر (إنغي زوما) شمال تيبستــي.. وفوق ذلك كنت أكافأ بدلك يجرينه لي بأيديهن بزيت المسك.. وجرة من عســل جرما… وكانت امرأتي رسامة من (التحنو) متقدة القلب.. بعينين زرقاوين، وشعر فاتح.. كاملة الجمال والجنون والفنون من صميم القلب.. رسمتني على قمة جبل (أدرار) في (أكاكوس).. ورسمتها على (صخرة النبع) في (وان تلوكات).. وليس أكثر خسرانا من نساء ما قبل التاريخ حين نقارنهن بنساء اليوم المتحضرات)
(أقول: ولا غالب إلا الله..
وأمشي في جنازة المفتاح الأندلسي إلى البحر، الشمس تتحجب غازية في الغمام، حر الصيف يتداخل في دُجنة الشتاء، الكورنيش مربعات النجمة الأندلسية الثمانية، الميناء حوض بلا موج، النوارس تعوم في بقع النفط)، وأمشي حتى باب البحر/ أقابلها
حمودة كان هنا، فردَ كيسَ عنبهِ وعبر إلى المعرفة
أعبرُ القوسَ/ يهمس (معاك الصلاح.. ياوليدي اجعلك وين اتشور اتنور)
أحبسُ الصوت في عيني وأعبر إلى شرفة السراي/ البحرُ تأخّر
طرابلسُ امتدت خارجَ السور
البحارةُ غادروا الحكايات، ولا شيءَ عادَ كما كان
يحبسني خطٌ منكسر عند أطراف الكدوة/ تحبسك (وتخبو في بيت تحاصره مجاري الرمل ومجاري القرية.. وتـتـنفس الهواء الساخن في حرارة بلغت في كتاب جنـز للأرقام القياسيـة (136) درجة فرنهايت.. والبحر على مسافة نصف ساعة)
هل أخبرتك أني حاولت تقليد ابتسامتك،
وأني بحثت عن رملة الزقرار، وشددت الرحال (تفجأني موجة منعشة.. أتلفت، موجة تتلاشى، وموجة تنتشر… ومن حفافي النهر تجيء سوسن في زي من حرير غرناطة معرّج باليالي والنهاري)
انتظرتها عند الحمراء،
وفي المساء، تـتبعت طيفاً قد يكونها، دخلت حانة خلفه
كانت الطاولة بحجم كأسين، (كأس أنيس لي، وكأس أنيس لها)
لا مساحة ليدينا
ولا سقف إلا الدخان.
___________________
* ما بين الأقواس مأخوذ من مجموعة من نصوص للكاتب “رضوان أبوشويشة”.
نشرت بصحيفة ميادين
رائعة شكرا