عبر صحيفة الشروق التونسية، نشرت الكاتبة والناقدة التونسية “علجية حسيني” قراءتها في مجموعة من نصوصي القصصية؛ تحت عنوان (الحرب و الفقدان في قصص الليبي رامز النويصري). وهي القصص التي تناولت الحرب والفقد من مجموعتي (حكايات روز).
الحرب و الفقدان في قصص الليبي رامز النويصري
عجلجية حسيني
يتناول الكاتب الليبي ، رامز النويصري، ثيمة الحرب من خلال ثلاث قصص، “زهرة سرقت رائحتها” و ” رضى ” و “رجاء”. و يربط الكاتب، في هاته القصص، بين الحرب و الفقدان . كما يبرز تأثير الحرب في حياة شخوص القصص.
“زهرة سرقت رائحتها”:
يحفظ الراوي صورة جميلة لزهرة قبل الحرب ، فهي كانت،”جميلة، يانعة، مرحة. كانت ابتسامتها ترسم قوسا حاداً عند طرفي شفتيها، وتخفي عينيها في استدارة وجنتيها. رائحتُها الزهرية تجعلني أسيرها، وشعرها الداكن يختبر ذكائي كيف يختفي تحت التستمال”. قبل الحرب ، تعيش زهرة قصة حب مع عسكري، الذي تزوجته لاحقا،”كل ما أذكره عنه حذاءهُ العسكري اللامع وبدلته الخضراء، ورأسه الحليق الذي كان يبدو كرويا”. يصور الراوي ، من خلال ذاكرته، دوره في الوصال بين زهرة حبيبها، “لأفيق على يدها تدسُّ شيء :
– سلم وخيي
فأنطلق مسرعا من فوري حتى بداية الشارع، أنتظر كثيراً. يقف أمامي. ينتهي نظري عند حذائه
اللامع ليغادر سريعا ” . يجعل الحب من زهرة امرأة سعيدة ، “كانت في بعض الأوقات وعندما تتأكد أن لا أحد، تترنم بأغنية “.
تأتي الحرب و تفقد زهرة زوجها ،”نعم مسكينة، لم تهنئ بزوجها، أتذكر كيف وقفت على الباب باكية. وهو يركب السيارة تلبية لنداء -عسكري، أخذ معه كل الشباب. رافقه خمسة شباب من حينا… بعد حوالي ثلاثة أشهر وصلنا الخبر”. بموت الزوج ، تنتهي حياة السعادة و الفرح لتصبح زهرة حزينة ووحيدة، “كان المنزل فارغا”. يرجع الراوي لزيارة زهرة بعد سنوات الغربة ليسترجع طفولته ، “الزمنُ مر بطيئا،ً حاولت بسرعة رسم أقصر الطرق للوصول، والعودة “. يحاول الراوي استعادة الصورة المشرقة التي يتذكرها عن زهرة أيام طفولته قبل الحرب عبر تسمية ابنته زهره و ابنه القادم عبد الله ذكرى للزوج ، “المره الجاية.. نجيبهم وباش تشوفي “زُ هرهْ ” قداش تشبهك”.
“رضى”:
تدور أحداث قصة “رضى” داخل أجواء الحرب المخيفة . يصبح الراوي متطوعا في الهلال الأحمر لمساعدة الناس العالقين . تأجل الحرب تحقيق حلمه بمواصلة دراسته الجامعية ، “قبل أسبوع، كان يعد نفسه للعودة للدراسة، فصل جامعي جديد، لقاء مع الحلم، والآمال الكبيرة” . و تصور القصة الخوف الذي يعيشه للناس . إذ أصبح الناس يواجهون الموت ، “أي اشتباك ما أسمعه يشي بالحرب ؟…المسألة ليست الحرب !!! المسألة في العائلات العالقة ، و التي تتساقط عليها القذائف و لا من مهرب”. تتطرق القصة إلى معاناة الناس في زمن الحرب لأن حياتهم مهددة ،” قبل ساعتين ، أخبروا أنه ثمة أم عالقة، ولم تستطع الخروج خوفا على أطفالها الأربعة، وأنها منذ بداية الاشتباكات بلا كهرباء، ويكاد شحن هاتفها ينضب “. لكن محاولة إنقاذ الأم و أبنائها من الموت تؤدي إلى فقدان الراوي لصديقه الذي أصيب ،”انطلق الصديق الأثير ناحية المنعطف، ليجده جالسا إلى الحائط، صامتا ومبتسما”. تنتهي القصة بصدمة الراوي و رعبه بسبب موت صديقه ،”صاح الصديق الأثير ، و اختفت صيحته في أصوات الأسلحة”
“رجاء”:
تتناول القصة حكاية أم لم تفقد الأمل في رجوع الابن ، الذي لن يعود من عالم الأموات .يركز الراوي على تصوير عذاب الأم التي لم تمل من انتظار عودة ابنها ،” تقول لي، إن الانتظار أتعبها، وهي تخاف أن تلحق به، قبل أن يتحقق حلمه، حلمها.كيف؟، أكثر من ثلاث سنوات، وما صار شيء”. رغم عدم تصديق الراوي بأن ابنها سيعود،” لكن شيء ما بداخلها لا يريد التصديق.”، تظل الأم مشتتة و تعاني من ” انتظارها الذي تتقلب فيه على جمر الرجاء “. كما تصور قصة ” رجاء ” معاناة الراوي أمام أم تعاني من نقص في الذاكرة و تنسى أنها فقدت ابنها. “. يتهرب الراوي ، صديق الابن المتوفي في الحرب ، من تذكير الأم بالحقيقة ، ” أصمت . فالإجابات التي أملك لن تزيدها إلا حزنا ، وهما غما و شعورا الخيبة والإحباط “فالإجابات التي أملك لن تزيدها إلا حزنا”.