النوفيلا.. النص القادم بقوة

ما هي النوفيلا؟

النوفيلا، أو الرواية القصيرة، هي نص سردي أطول من القصة الطويلة، وأقصر من الرواية. وهذا الجنس الأدبي الذي يلاقي رواجاً على مستوى العالم، مازال بين شد ورد في أوساط الأدب العربي، ولعل رأي الناقد السعودي “محمد العباس”1 يلخص المسألة، ففي مقال له بعنوان (نوفيلا في لبوس روائي)، يخلص إلى: (النوفيلا) هي القصة القصيرة المنفوخة التي لا تصنع رواية، مهما أصر المؤلف أو الناشر على إدراجها ضمن ذلك التصنيف، فالنصاب الأدبي لا يتحقق إلا وفق شروط ومعيارية فنية.
هذا الجنس الأدبي ازدهر في ألمانيا في القرن الثامن عشر وما بعده، على أيدي كتّاب أمثال: هنريخ فون كليست، وجيرهارت هوبتمان، وجوته، وتوماس مان، وفرانز كافكا. وترتكز الرواية القصيرة، على حدث محدد، سواء في الواقع أو في الخيال.

خصائص الرواية القصيرة

حدد الدكتور “أبو المعاطي الرمادي”2 خصائصها في أطروحته التي نال بها درجة الدكتوراة في عام 2003م، ونشرت في كتاب (الرواية المصرية القصيرة في الربع الأخير من القرن العشرين )، وهي:
حجم متوسط لا يمكن النظر إليه على أنه حجم لقصة قصيرة ، ولا يمكن النظر إليه على أنه حجم لرواية طويلة ، وهو حجم غير محكوم بعدد محدد من الكلمات
استهلال ذو طبيعة خاصة :فتميل الروايات القصيرة للاستهلالات المركزة المكثفة ؛ بسبب اعتمادها على شخصية محورية واحدة ، وحدث محوري واحد ، ولا يتعدى استهلالها الفقرة الأولى ، وأحيانا السطر الأول ، ويتميز بشيوع الحس الكوميدي ، أو التراجيدي ، والتأريخ للبطل والمكان .
لغة مكثفة تقترب بالسرد من الشعر.
ازدواجية الدلالة ، فالكاتب لا يصرح بل يلمح ، ويترك الكثير لعقلية المتلقى الاستشفافية ، ودائما لسرده أكثر من دلالة .
بطل محوري واحد: تقوم الرواية القصيرة على اكتاف بطل محوري واحد ، وبقية الشخصيات فيها ملحقة بالمركز .
حدث مركزي واحد : تقوم الرواية القصيرة على حدث مركزي واحد يستقطب كل مكونات العمل .
وجهة نظر خاصة للواقع : تميل الروايات القصيرة إلى تحويل مدركات الواقع البسيطة إلى فعل مرئي محسوس ، وتغلب المألوف واليومي والنادر والثانوي على الأساسي والمباشر.
وصف موجز :تعتمد الرواية القصيرة على الوصف الموجز الفعال
ملمح السخرية: من العلامات المميزة للرواية القصيرة ملمح السخرية ، ويكون أحيانا بأسلوب الاستفزاز ، وأحيانا بالرسم الكاريكاتيري، وبالمواقف الكوميدية ، والتعليقات المضحكة .
فضاء خاص يتسم بالمحدودية، يستمد رحابته المكانية والزمانية من القفزات والوثبات الناتجة عن توارد الخواطر .
إثارة الأسئلة : النص الروائي القصير يثير كما من الأسئلة دون الاهتمام بطرح أية إجابات .

النص القادم بقوة

في ظني، إن قوة هذه الرواية يكمن في قصرها، الذي يتحدى ما تحتاجه الرواية من مساحة أفقية (زمنياً) للسرد، إذ يبرز التحدي الأكبر والأهم أمام الكاتب، في إنتاج نص سردي يحتوي الرواية في حجم أصغر!
وأزعم، أن الرواية القصيرة ستنتشر بشكل لافت، وسيمارسها الكثير، لكن لن يكون النجاح حليف الجميع! كونها مغامرة لا يظفر بها إلا المغامر الجسور، الذي يعرف كيف يسلك دربه بين الأحراش، وكيف يستفيد مما حوله.
أقول هذا لإن إيقاع الحياة السيريع، والتسارع الكبير في وتيرة التطور، ستجعل هذا الجنس الأدبي، قابلاً للتداول كتابة وقراءة، وسنشهد من البعد إصدار سلاسل روائية قد يجمعها خط واحد، لكنها مستقلة في ذاتها.
إلماحة أخيرة، هذه النص فرصة جيدة للشعراء لممارسة السرد بطريقة مختلفة، يتماهون فيها بين السرد والشعر، بحيث يحتوي النص طاقة شعرية، وكثافة مشهدية.

__________________________________________________
1- محمد العباس: نوفيلا في لبوس روائي – صحيفة الحياة – 9 أكتوبر 2012.
2- أبوالمعاطي الرمادي: الرواية المصرية القصيرة في الربع الأخير من القرن العشرين – مكتبة بستان المعرفة – 2003.

النوفيلا.. النص القادم بقوة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *