الرواية والسينما

الرواية والسينما
عن الشبكة

 

الكثير من الروايات تحولت إلى أعمالٍ سينمائية، سواء كانت هذه الروايات، عربية أم عالمية. كما إن بعض الروايات تم إعادة إنتاجها سينمائياً أكثر من مرة. وفي كل إعادة نكتشف بعداً جديداً للروية، هي بالأساس قراءة المخرج لها.

العلاقة بين الرواية الأدبية، والسينما قديمة، وهي علاقة حب، علنية، أعلنت عن نفسها دون خوف. لكن هل تفلح الرواية، أي رواية، لتكون عملاً سينمائياً؟

في ظني، إن ثمة مجموعة من العوامل، تجعل من رواية بعينها، ناجحة لتكون عملاً سينمائياً. حبكة الرواية هي أول عامل محفز لذائقة المخرج، ولا يوجد صيغة معينة؛ بوليسية، عاطفية، اجتماعية، هي بالضرورة القادرة على تحقيق هذه الإثارة، التي تكون قادرة على إبهار المتلقي، وخلق عالم خاص بالرواية، ينعكس مباشرة في العمل السينمائي.

الموضوع، هو أحد العواملٌ المهمة، خاصة إن كان يخدم قضية إنسانية، أو يقدم رؤية تاريخية، أو سياسية أو اجتماعية. فالموضوع قد يسوق للرواية، ويدعم نجاحها قراءة، الأمر الذي يحفز الشركات الإنتاجية لتنفيذها.

الأحداث، وتطورها وتفاعل شخوص الرواية، يدعم المشهدية في العمل السينمائي، الأمر الذي يمنح المخرج، وكاتب السيناريو لتحويل النص المكتوب إلى صورة. وفي العادة تقام ورشة خاصة بالعمل. بحيث يعاد صياغة الحوارات، وإضافة المشاهد، وتعديل ما يلزم.

تحويل الرواية إلى عمل سينمائي، هو رهان يقبل الوجهان، فقد يفشل العمل، للكثير من الأسباب، لعل أهمها هو انفصال العمل عن الرواية الأصل. وقد ينجح، خاصة لو نجح المخرج وكاتب السيناريو في الدخول لعوالم الرواية، وإعادة إنتاجها مشهدياً.

يظل للرواية رونقها، وللسينما ألقها.

القارئ في الحقيقة مخرج، بطريقة أو بأخرى؛ فهو حال دخوله للرواية، يبدأ في تكوين صور الشخوص، وترتيب المكان، ورسم المشاهد، وتحريكها، بما يوافق حركة الرواية قراءة.

وهذه المتعة، تتحقق بشكل أفضل، في حال معاودة القراءة، إذ ستتضح صور الأبطال أكثر، وقد تتغير أشكالهم، فالقراءة الثانية تعطي القارئ فكرة مسبقة عن العمل، الأمر الذي يمكنه من تكوين مشاهد أكثر وضوحاً.

المسألة في العمل السينمائي، هو ربطه لصور الأبطال بشخوص واقعيين، جاهزة ومسجلة مسبقاً في ذاكرة المشاهد، قارئ الرواية، حيث تبدأ المفاضل بين الشخصية التي يتابعها، وبين الشخصية التي رسمتها مخيلته، وهي مسألة أدركها الكثير من المخرجين. وإلا فإن العمل يتهاوى بكامله.

لكن مع هذا، ترسخ الصورة التي رسمها العمل السينمائي، وتبدأ الصورة المتخيلة في التلاشي، تدريجياً، لتحل محلها رؤية المخرج للعمل.

بعض الرواية، تتمنى، كقارئ لها، لو يتم تنفيذها كعملٍ سينمائي، خاصة عندما ينجح الكاتب في رسم شخصوه، حد الواقعية، ويذهب في عوالم النص حد الغرائبية، الأمر الذي يجعلك بحق تتمنى أن يتم تنفيذ هذا العمل، للتمتع بالمشاهد، وهي تتحدى الأبطال أو إمكانيات العمل.

أحب الاحتفاظ بالنشوة التي تنتجها القراءة، والمشاهد التي تبدأ بالتكون والنمو خلال قراءة الرواية، والصورة التي أرسمها لأبطال العمل، بكامل تفاصيلهم، حد طريقة تناولهم للطعام، وتوقيع خطواتهم. في الكثير من الأحيان، أرتبط بأحد الشخصيات، واتخذها صديقاً لنهاية الرواية، أو أن أتمثل أحد الشخصيات الثانوية القريبة من بطل الرواية، أو أن أبحث عن شخصيات واقعية، قريبة أو تطابق شخصيات الرواية، هذه المتعة، لا يمكن تحصيلها من متابعة رواية منفذة كعمل سينمائي، مالم تتحقق فرصة الاطلاع على الرواية، في هذه الحالة أجدني بعد المشاهدة أبحث عن الرواية لقراءتها. فالمسألة تكمن في المتعة، والمتعة الداخلية، كما أراها أشد أثراً من المتعة الخارجية، المرتبطة بالمشاهدة، فهي ستنتهي بوصول الفيلم إلى تتر النهاية، وحتى الأثر الباقي سيتلاشى سريعاً.

في الختام قراءة/مشاهدة طيبة.

_________________

نشر بموقع المستقل

نشر بموقع أطلس

الرواية والسينما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *