هل جربت أن كتاباً سهلاً سريع الهضم؟
ربما نعم، وربما لا!!!
إن كنت تريد هذه التجربة، فأنصحك بكتاب (جدار بردين) للمدونة اليمنية “سناء مبارك”. فهو كتاب خفيف في مادته، سريع التسرب، والهضم عقلياً، وعميق الفكرة، ويحوي الكثير من الملاحظات والالتقاطات الذكية والواعية لكاتبته.
في هذه التدوينات، أو النصوص التي كتبتها “سناء”، ارتباط وثيق باليومي، وبما يصادف الإنسان، من مواقف، وما يمر به من خواطر، وما يواجه من مواقف، وما يستقيده من تجارب، شخصية أو منقولة.
الجميل في التدون تلقائيته، وانفتاحه على جميع المواضيع، وعدم تقييده المدون، بشكل أو نمط معين، والمدون يرصد، وينتج نصه، كتدوينة، يحملها كل ما يريد، ويصدر من خلالها رؤيته، وأفكاره.
“سناء مبارك” استطاعت ككاتبة أن تحقق المعادلة الصعبة؛ السهل الممتنع في كتابها، فهي تدوينات، تبدو للهواة الأولى إنها سهلة، لكن سيكون من الصعب كتابتها، فهي:
اولاً استفادت من دراسة الطب؛ كونها تركت بلده الأم، اليمن، للدراسة بمصر، وهو بعد ينعكس في الاهتمام ومراقبة هذا المجتمع الجديد، وأيضاً كونها طبيبة، وهي مهنة قريبة من الناس، ومن أوجاعهم. وكلا الأمين يمنحانها، ككاتبة ومدونة، رصيداً من التجارب الإنسانية. والنتيجة؛ هو خلاصة تجربة أو مجموعة تجارب.
وثانياً، تتميز النصوص أو الموضوعات، بالتركيز على الموضوع بشكل مباشر، والقصد إليه مباشرة، وهذا جعل منها موضوعات قصيرة، وسهلة القراءة، وأيضاً واضحة بدون رتوش. فهي نصوص بعيدة عن الحشو.
ثالثاً، اللغة التي كتبت بها “سناء” تدويناتها، لغة سلسلة بعيدة عن استعراض العضلات، لغوياً، أو حشو المفردات، أو استخدام غير العربية، إلا ما تفرضه الحاجة. ومع قصر النصوص، سيكون من السهل على القارئ العربي، التهام هذه الوجبة المعرفية بسهولة ويسر.
رابع هذه المرتكزات، حيادية الكاتبة، واستخدامها لأسلوب الراوي، الذي يقوم على الرصد، دون أن يتدخل، أو أن يتعاطف أو ينحاز وهو يقوم برواية الحدث، أو وهو يعرض لقصة ما. هذا حافظ على إيقاعٍ ثابت، واستقرار لنصوص أو تدوينات الكاتب. في ظل عدم محاولة استدراج القارئ عاطفياً.
نصوص، تدوينات، كتابات، في (جدار بردين)؛ لا يهمنا التصنيف، بقدر ما تحققه هذه الكتابة، في أي شكلٍ أو تصنيف كانت، فالمهم هو كم الفائدة المتحققة من نقل هذه التجارب الإنسانية، واليومي الذي نعيشه، ويعيشنا، بطريقة سلسة.